تغريد سعادة
في الوقت التي تتصدى فيه الطائفة الدرزية – او الموحدون – في الداخل الفلسطيني لاجراءت اسرائيل في محاولات مصادرة اراضيها، بالاضاقة الى ازدياد مطرد في اعداد الرافضين للخدمة في جيش الاحتلال ، تستحدم اسرائيل تاريخ الطائفة للترويج لاكاذيب من شأنها تقلل نضالها وتعمد على تشويها.
وعادة يتعمد الاحتلال على تجنيد الشبان الدروز ووضغهم على خطوط المواجهة والاحتكاك مع الشعب الفلسطيني، كالحواجز التي تقام عند المدن والقرى الفلسطينية المحتلة وفي المعتقلات، في محاولة لتكريس صورة الدرزي في عقول الفلسطينيين مشابهة لصورة جندي الاحتلال.
ولكون الدروز يعيشون في مناطق زراعية ويعتمدون على المحاصيل الزراعية التي تؤمن لهم مصدر رزقهم، تم الضغط عليهم من هذا الباب، حيث صادر الاحتلال عام 1948 نحو 83% من مساحة أراضي الطائفة، وكانت نسبة ممن يعتمدون على الزراعة فيها 96%، ولجأت إسرائيل للتجنيد الإجباري حينها وسيلةَ ضغط بعدما أفقدت الدروز مصدر رزقهم الرئيسي.
وسعت إسرائيل إلى عزل الدروز عن إطارهم العربي، باعتبار أن الدرزية قومية بحد ذاتها، مستغلة رواية تزويج ابنة النبي شعيب لسيدنا موسى، لتؤكد للدروز أن علاقة مصاهرة تاريخية تربطهم باليهود، وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول ديفيد بن غوريون عام 1956 قراراً يلزم الدورز بالخدمة الإجبارية في جيش الاحتلال.
واكد رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية داخل الخط الأخضر غالب سيف أن إسرائيل فرضت قانون التجنيد الإجباري للفلسطينيين الدروز عام 1956م، فيما أطلق الشيخ الدرزي فرهود فرهود حملة لمناهضة التجنيد عام 1957.
وأجبرت الحكومة الإسرائيلية بموجبه 16 شخصية درزية عام 1956 على التوقيع على عريضة تعتبر تجنيد الدروز إجباريا.
ويرى بأن الحملة ضد التجنيد بدأت تتسع رويدا رويدا حتى أطلق شبان فلسطينيون من الطائفة حملة موسعة “أرفض شعبك بحميك”.
ويقول سيف في تصريح صحفي نشرته وسائل الاعلام”هناك ارتفاع ملحوظ في نسبة الرافضين للخدمة بالوسط الدرزي، تبعا لما تشير اليه الإحصاءات الإسرائيلية، التي تقدر نسبة الرفض بين 53% – 65% تقريبا.
واضاف “ان الطائفة تتعرض للتميز من الاحتلال وهناك 25 ألف وحدة سكنية لدى الدروز مهددة بالهدم من بين 50 ألف وحدة في الداخل الفلسطيني.
ويؤكد أن الاعلام الإسرائيلي يروج أكاذيب لإقناع الجمهور باستفادة الدروز من الخدمة الإجبارية.
ويشتشهد بحادثة تسليم الأسرى؛ حيث أوضح أن الاعلام تداول اسم الشرطي سليم خالد زغايرة من الناصرة، وزعمت أنه درزي وساهم في القبض على الأسرى، بينما اسمه “غاربي ماينتو” وهو يهودي وليس عربي.
ويشددّ على أن كل من يلبس بدلة عسكرية ضد الفلسطينيين “هو جندي إسرائيلي يأتمر بأمر قيادته الإسرائيلية، وليس من العرب أو الدروز”.
ويؤكدّ سيف أن إسرائيل تتعمد استخدام الورقة الدرزية في سبيل إثارة الفتنة بين الطوائف الفلسطينية في الداخل تحديدًا.
كما نوه بأن الطائفة مع حرية الأسرى والنضال لأجل الحصول على الحقوق المشروعة لأبناء الشعب الفلسطيني.
وسيف نفسه كان يخدم في جيش الاحتلال واستقال منه وشكل هذه المبادرة، وقال “عشت صراعاً داخلياً قاسياً جداً لأنني فلسطيني وأجبرت على الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي، ومنذ انسحابي لليوم أرفض وأقاوم التجنيد الإجباري، ولدي أربعة أبناء رفضوا الالتحاق بالخدمة وأدفعُ وإياهم ثمناً باهظاً مقابل ذلك”.
ويعيش في إسرائيل قرابة 143 ألف نسمة من الطائفة الدرزية، بنسبة 1.6% من السكان المقيمين بالداخل، وتشكل نسبة 7.6% من مجمل السكان العرب فيها، يتركزون في مناطق الجليل والكرمل والجولان.وهم موزعين على ما يقارب 18 بلدة وقرية جبلية، وهم دالية الكرمل ، شفا عمرو ، عسفيا ، المغار ، كسرا، الرامة ، ساجور ، دير الأسد ، يركا ، عين الأسد ، أبو سنان ، جولس ، البقيعة ، بيت جن، جت ،حرفيش ، كفر سميع ، يانوح.
وفي عام 1957 تم الاعتراف رسميا بالهوية الدرزية الإسرائيلية من قبل الحكومة الإسرائيلية، حيث تم فصل الطائفة الدرزية عن المجتمع الإسلامي والديانة الإسلامية وجعلها ديانة مستقلة. وانضم الدروز ضمن كتيبة في الجيش الاسرائيلي تسمى كتيبة “حيرف” التي تعرف أيضا بالكتيبة الدرزية وهي قوة برية في عداد القوات النظامية لجيش الإسرائيلي، معظم جنودها من الدروز. ويعود تسميتها ب”حيرف” وتعني السيف، إلى تفضيل الدروز للسيف كسلاح. اما اليوم فتمدد وجودهم بالجيش وشمل المهام القتالية، المهام الداعمة للقتال، الاستخبارات، سلاح الطب، الكليات العسكرية، والتكنولوجيا واللوجستيات.
واضاف غالب ان واقع الاحتلال وجرائمه، دفع برفع الأصوات الرافضة لمبدأ التجنيد لدى الاحتلال في الوسط الدرزي، تمثلت أقواها في الحملة الشعبية الواسعة “ارفض شعبك يحميك!”.
وسرد مثالا من بين هذه النماذج السجان الدرزي يامن زيدان، الذي تحول لمحام يدافع عن الأسرى الفلسطينيين بعد انخراطه بهم، فقد كان يعمل سجانًا في وقت سابق.
وفي العادة يتعرض رافضو التجنيد الإجباري من الدروز في الجيش الإسرائيلي لمحاكمات عسكرية، التي تحكم على رافض الخدمة بالسجن من 5 إلى 30 يوما، ثم يطلق سراحه ليتم استدعاؤه مرة أخرى، والحكم عليه بالسجن فترة مماثلة، وهي أحكام قد تتكرر مرات عدة، في محاولة للضغط على رافض التجنيد للتأثير على قراره، ودفعه للعودة عنه، قبل أن يتم تحويل ملفه للنيابة العسكرية.
ويقول نشطاء الدروز في حراك “أرفض، شعبك بيحميك” بان جيش الاحتلال يهدد الرافضين للخدمة بحرمانهم من التعليم الجامعي، ومن العمل في المصانع والمكاتب الحكومية، والحصول على رخصة قيادة، إضافة لتهديهم بوضع “نقطة سوداء” في ملفهم الشخصي لتؤثر على حياتهم المستقبلية، و مصادرة أراضيهم لإقامة التجمعات الاستيطانية اليهودية، ويتعمدون عدم تحديد فترة سجنه، أو جعله مجنونا، وتصوير وترويج فكرة أن الشاب الرافض هو شاب سيفشل في جميع مجالات حياته بسبب رفضه تأدية الخدمة.
في مقابل ذلك يوفر حراك “أرفض، شعبك بيحميك” منح دراسية لأولئك الذين يرفضون التجنيد ودعمهم قانونيا ومعنويا.
وحصل الدروز في منطقة الجليل ومنطقة حيفا على الجنسية الإسرائيلية تلقائياً في عام 1948. وبعد أن استولت إسرائيل على هضبة الجولان من سوريا في عام 1967 وضمها إلى إسرائيل في عام 1981، مُنح الدروز القاطنين في هضبة الجولان الجنسية الإسرائيلية الكاملة بموجب قانون هضبة الجولان. رفض معظم دروز الجولان الجنسية الإسرائيلية وما زالوا يحتفظون بالجنسية والمواطنة في الجمهورية العربية السورية ويُعاملون بمقام مُقيمين دائمين في إسرائيل.
ومع سنّ قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل عام 2018 أثار قانون الدولة القومية سخط الدروز لما ينطويه عن إقصاء لكل من هو غير يهودي، مما تسبب بتقديم 3 اعضاء كنيست دروز استئنافا ضد القانون المذكور، تزامنًا مع حملة احتجاجات أطلقتها المراجع الروحية والفاعليات في القرى الدرزية، وصولًا إلى تقديم بعض الضبَّاط الدروز استقالاتهم من الجيش الإسرائيلي.
ويرى اصحاب حراك “أرفض، شعبك بيحميك” ان الاحتلال تعمد التحكم والتلاعب في عقول الشبان الفلسطينيين من أبناء الطائفة الدرزية، و تعزيز فصلهم عن محطيهم العربي، فقد خصص الاحتلال سلطات محلية خاصة ومدارس ومناهج تهدف إلى خلق شعور لدى الطالب الدرزي بانتمائه لطائفة مستقلة عن العرب الفلسطينيين، وتغيير مناهجهم بما لا يتضمن أي شيء عن القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني.
وفي التصدي لذلك يسعى الحراك على تثقيف الشبان الدروز عن القضية الفلسطينية، ويحرص على توزيع نشرات بهذا الخصوص وطباعة مؤلفات وكتب منها للشاعر الفلسطيني الدرزي سميح القاسم.
ونشر بيت المقدس للدراسات التوثيقية عن الطائفة الدزية انها احد الفرق في فلسطين، وهي تؤله الحاكم بأمر الله، سادس حكام العبيديين الفاطميين، (المتوفى سنة 411هـ/ 1021م)، وهو يمثل محور العقيدة الدرزية، وقد أخذت جلّ عقائدها عن فرقة الإسماعيلية، وتنسب إلى محمد بن إسماعيل الدرزي المعروف بنوشتكين، وهو من أصل فارسي جاء إلى مصر سنة 408هـ، واتصل بالحاكم، وكان أول من أعلن عن ألوهيته.